الفضة أكثر من مجرد معدن
omnia
omnia
19 أبريل 2025

لبس الخاتم الفضي للرجال... سنة نبوية أم عادة؟

الفضة أكثر من مجرد معدن ،لطالما ارتبطت الفضة بالأناقة والرقي، فهي ليست مجرد معدن ثمين يلمع على الإصبع، بل تعبير صريح عن الذوق، والثقة، والهوية. وفي عالم الرجال، يظل الخاتم الفضي قطعة استثنائية لا تُختار عشوائيًا. فالرجل الذي ينتقي خاتمه بعناية لا يبحث فقط عن مظهر جميل، بل عن رمز يحمل معنى، ولمسة تعكس تفرّده.

سواء كان منقوشًا بدقة، أو بسيط التصميم بخطوطه النظيفة، فإن الخاتم الفضي يجمع بين الفخامة والاعتدال، ويمنح صاحبه لمسة تقليدية بأبعاد عصرية. وهو اختيار مثالي لكل من يسعى إلى التوازن بين الأناقة والوقار.

لكن بين كل هذا الجمال، يظل السؤال حاضرًا:

هل لبس الخاتم الفضي للرجال مجرد ذوق؟ أم أنه سنّة نبوية تُحيي أثر الحبيب المصطفى ﷺ؟

في هذا المقال، نغوص سويًا في تاريخ الفضة، وحكم ارتدائها، وكيف تتحول من قطعة إكسسوار... إلى رسالة.


الخاتم الفضي في السنة النبوية: ماذا كان يلبس النبي ﷺ؟

لم يكن الخاتم الفضي مجرد زينة في يد النبي ﷺ، بل كان جزءًا من هديه الشريف، وإشارة راقية إلى ذوقه وتواضعه ورسالته. فحين اختار ﷺ أن يتختم بالفضة، لم يكن ذلك عبثًا، بل سنّة تحمل في طيّاتها توازنًا بديعًا بين الجمال والاعتدال.

وقد ثبت في الصحيح أن النبي ﷺ لبس خاتمًا من فضة، وجعل فصّه إلى جهة باطن الكف، وأحيانًا كان في يده اليمنى، وأحيانًا اليسرى، تحديدًا في الخنصر، كما جاء في حديث أنس رضي الله عنه. وقد بوّب الإمام البخاري في صحيحه على ذلك قائلًا:


"باب الخاتم في الخنصر".

أما الذهب، فقد نهى عنه ﷺ نهيًا قاطعًا. فعن النبي ﷺ أنه اتخذ خاتمًا من ذهب، ثم رماه وقال:

"لا ألبسه أبدًا"،
فامتنع الصحابة عن لبس الذهب بعده، في مشهد من أروع صور الاقتداء بالنبي الكريم.

وما يؤكد على مشروعية التزين بالفضة، ما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:

"ولكن عليكم بالفضة، فالعبوا بها لعبًا"
– رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح.
وفي ذلك دلالة على أن الفضة مباحة للرجال، وأن التزيّن بها لا حرج فيه ما دام ضمن حدود الاعتدال.

وقد نهى النبي ﷺ عن لبس الخاتم في بعض الأصابع، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:

"نهاني رسول الله ﷺ أن أتختم في هذه أو هذه"
وأشار إلى الوسطى والتي تليها – رواه مسلم.

أما عن مادة الخاتم، فقد كان في الغالب من فضة خالصة، وربما كان فصّه من العقيق، كما أشار بعض العلماء. وكان النبي ﷺ يجعل فص الخاتم إلى الداخل، لكن العلماء أوضحوا أن هذا ليس واجبًا، بل من سنن الذوق.

وبخصوص ما يُشاع عن أن الفضة تُبعد الجن أو الحسد، فـ لم يثبت عن النبي ﷺ أي دليل أو أثر صحيح يدل على ذلك، وهي مجرد خرافات لا أصل لها في الشرع.

وهكذا كان خاتم النبي ﷺ: بساطة تحاكي الجلال، وأناقة لا تنفصل عن الروح.


هل لبس الخاتم الفضي للرجال سنّة أم عادة؟

يُعد لبس الخاتم الفضي للرجال من الأمور التي وردت عن النبي ﷺ، فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه كان يتختم بالفضة، مما يجعل فعله هذا سنّة تقريرية وفعلية، بل ومظهرًا من مظاهر الاقتداء النبوي في التزين بضوابط الشرع.

وقد اتفقت المذاهب الأربعة – مع بعض الاختلافات في التفاصيل – على جواز لبس الخاتم الفضي للرجال، بخلاف الذهب الذي نهى عنه النبي ﷺ نهيًا قاطعًا، حيث قال حين رأى رجلًا يتختم بالذهب:

"يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده"

(رواه مسلم).


 هل هو سنّة أم إباحة؟

رأي العلماء يتفاوت في هذا الباب:

  • بعضهم يرى أن التختم بالفضة سنّة مستحبة لمن أراد الاقتداء بالنبي ﷺ.
  • وآخرون يرون أنه مباح، ويُثاب عليه إن قصد به التشبه بالنبي أو اتباع السنة، ويُعد مجرد زينة إن خلت النية من ذلك.


وهنا يأتي الفرق بين الاقتداء والموضة:

  • من يلبس الخاتم بنية اتباع النبي ﷺ، يُؤجر على فعله.
  • أما من يرتديه لمجرد الزينة، فلا إثم عليه، لكنه يفوّت أجر النية.


ما حدود الزينة المباحة؟

بحسب المذاهب الفقهية:

  • الحنفية: أجازوا الخاتم الفضي بشرط ألا يتجاوز وزنه مثقالًا واحدًا.
  • المالكية: حدّوا الوزن بـ درهمين شرعيين أو أقل، ويُكره ما زاد عن ذلك.
  • الشافعية: لم يحددوا وزنًا معينًا، بل اعتمدوا على عرف البلد، بشرط ألا يكون إسرافًا أو خروجًا عن المعتاد.
  • الحنابلة: أجازوا الزيادة عن المثقال، ما لم تخرج عن الحدود المتعارف عليها، واعتبروا الأصل التحريم إلا ما ورد عن النبي ﷺ.


أما لبس الحُلي الأخرى من الفضة كالقلائد أو الأساور أو الطوق، فقد ذهب جمهور العلماء إلى تحريمها على الرجال، لأنها تُشبه زينة النساء، وهو ما نهى عنه الشرع.

الخلاصة:

  • لبس خاتم الفضة للرجال جائز بالإجماع.
  • يكون سنة مستحبة إن قصد بها الاقتداء بالنبي ﷺ.
  • يجب الابتعاد عن المبالغة أو تحويل الخاتم إلى وسيلة للتشبه بالنساء.
  • الأفضل أن يكون في الخنصر، وأن يراعي العُرف في الشكل والوزن.


 هل يجوز لبس أنواع أخرى من الحُليّ الفضية للرجال؟

رغم أن الإسلام أباح لبس خاتم الفضة للرجال بنص صريح من السنة النبوية، فإن باقي أنواع الحُلي من الفضة – كالسلاسل، الأساور، والأطواق – ليست على نفس الحكم، بل إن جمهور العلماء يرون أنها محرمة أو على الأقل مكروهة، لما فيها من تشبّه بالنساء، وهو أمرٌ نهى عنه الشرع بشدة.


 الحُلي التي لا تجوز:

  • السلاسل الفضية: محرّمة على الرجال لما فيها من مشابهة للزينة الأنثوية.
  • الأساور والطوق والخلخال: من خصائص زينة النساء، ولا يجوز للرجل التشبه بها، سواء كانت من فضة، ذهب، أو أي معدن آخر.
  • البلاتين والمعادن الحديثة: لا يغير نوع المعدن من الحكم ما دام الاستخدام يدخل في باب الزينة الخاصة بالنساء.


وقد قال النبي ﷺ:

"لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال"

– رواه البخاري.


 ما يُستثنى ويجوز:

  • الخاتم الفضي: جائز بإجماع العلماء.
  • قبيعة السيف الفضية: كانت موجودة في سيف النبي ﷺ كما جاء في الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه.
  • المنطقة المفضضة (حزام يحتوي على قطع من الفضة): أجازها بعض العلماء، استنادًا إلى ما نُقل عن الصحابة.


الخلاصة الفقهية:

  • الأصل في استخدام الفضة للرجال هو المنع، إلا ما ورد فيه نص شرعي أو عرف واضح بأنه خاص بالرجال، مثل الخاتم.
  • ما عدا ذلك من أنواع الزينة يُبقى على حكمه الأصلي وهو التحريم أو الكراهة، لما فيه من تشبه صريح أو ضمني بالنساء.
  • وبالتالي فإن لبس السلاسل أو الأساور من الفضة للرجال محرم على كل حال، ويزداد التحريم إن كان بغرض الزينة فقط دون حاجة.


 نصائح لاقتناء خاتم فضة على خطى النبي ﷺ

اقتناء خاتم فضة للرجل ليس فقط زينة أنيقة، بل يمكن أن يكون اقتداءً نبيلاً بسنة النبي ﷺ. فإذا كنت ترغب في ارتداء خاتم يُعبّر عن الذوق الرفيع وفي نفس الوقت يعكس روح الالتزام بالسنة، فإليك هذه النصائح المستوحاة من الهدي النبوي والتوجيهات الفقهية:

1. اختر الفضة دون غيرها

النبي ﷺ نهى عن لبس الذهب للرجال، وأجاز الفضة فقط. لذا تأكد من أن الخاتم مصنوع من فضة خالصة أو على الأقل يغلب عليه معدن الفضة، لتكون على السنة.


2. انتبه لموضع الخاتم

ثبت في الصحيحين أن النبي ﷺ كان يتختم في الخنصر من اليد اليمنى أو اليسرى، واجتنَبَ السبابة والوسطى. فحاول اتباع هذا التوجيه لتنال أجر الاقتداء.


3. راعِ البساطة في التصميم

خاتم النبي ﷺ كان بسيطًا في شكله، غالبًا دون مبالغة في الزخرفة أو حجم الفص. فاحرص على اختيار تصميم متزن وأنيق، يعبر عن الوقار والرجولة دون إسراف.


4. لا تتجاوز الوزن المعتاد

بعض الفقهاء مثل الحنفية والمالكية وضعوا حدًا للوزن المباح لا يتجاوز المثقال أو درهمين شرعيين. لذا احرص على أن يكون خاتمك خفيف الوزن، لا يُظهر المبالغة ولا يُشبه خواتم النساء.


5. اجعل النية حاضرة دائمًا

ارتداء الخاتم بوعي ونية صادقة للاقتداء بالنبي ﷺ، يحوّل الزينة العادية إلى عبادة خفية وأجر عظيم. فكما قالوا: الأعمال بالنيات، والنية قد ترفع العادة إلى عبادة.


وإن كنت تبحث عن خواتم فضة تُشبه روح هذا المقال، فـ تشكيلة "الرونق الفضي" تقدم لك تصاميم مستوحاة من الأصالة النبوية، بلمسة عصرية تليق بك








في زمن تتغير فيه الأذواق وتتعدد فيه أنماط الموضة، يبقى التأسي بهدي النبي ﷺ في كل تفاصيل الحياة

الزينة هو أجمل ما يمكن للرجل المسلم أن يختاره.

الفضة أكثر من مجرد معدن ، لبس الخاتم الفضي ليس مجرد مظهر خارجي، بل هو هوية راقية، تجمع بين الذوق، والرجولة، والاقتداء النبوي.

وعندما تختار خاتمك، اختره بعين الباحث عن الجودة، وبقلب المحب للسنة.

في متجر الرونق الفضي، لا نقدّم لك مجرد قطعة حُليّ… بل نقدم لك تفصيلة من السيرة، وأناقة لها روح.

فلتكن زينتك عنوانًا لإيمانك، ولتُجسّد من خلالها المعنى الحقيقي للاتزان بين الدين والذوق.

ولك أن تلبس الفضة… فتلعب بها لعبًا كما قال النبي ﷺ، ولكن بذوق، وبحُب، وبنية طيّبة.